المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية | علي بن عبد الرحمن اليفرني الطنجي
متن البرهانية لأبي عمرو السلالجي من المتون الكلامية الرائدة التي حظيت بعناية أشاعرة الغرب الإسلامي فاحتفوا به شرحاً وتعليقاً. منهم العالم الجليل والفقيه الكبير أبو الحسن الطنجي اليفرني فشرحه «المباحث العقلية» من أكبر شروح البرهانية وأغزرها. اعتمد فيه على المصادر الكبرى في المذهب الأشعري ونقل بدقة الشواهد والأدلة، محللا المتن إلى وحداته المصطلحية لإيضاح غوامضه وتفصيل مشكله وذلك في إطار نسقي متين.
العقيدة البرهانية في علم الألوهية، الشهيرة بـالعقيدة البرهانية، أو العقيدة السلالجية للإمام أبي عمرو عثمان السلالجي (ت 574هـ)، هي عقيدة مختصرة على طريقة أهل السنة الأشاعرة وقد امتازت العقيدة البرهانية بصغر حجمها، وبساطة أسلوبها، وشموليتها لمجموع ما تدور عليه العقيدة الأشعرية من مبادئ، وقد لقيت من القبول والاستحسان بين علماء أهل السنة والجماعة ما جعلها تشرح في سائر الأقطار الإسلامية المغربية والمشرقية، فكانت من المقررات الدراسية في الجوامع والمدارس، وتولى كثير من العلماء شرحها، وكتب لها الانتشار في الأندلس والمغرب وتونس والجزائر.
سبب تأليفه
طلبت منه تلميذته خيرونة (ت 594هـ)، امرأة أندلسية صالحة زاهدة، أرادت أن تتعلم أمور علم الكلام ما يجعل عقيدتها في مأمن من الانحراف والزيغ، وقد طلبت من أستاذها أن يكتب لها في لوحها شيئاً تقرأه على ما يلزمها من العقيدة، فاستجاب لطلبها، وكان يكتب لها في لوحها فصلاً، فإذا حفظته ومحته كتب لها لوحا ثانياً، فكان ذلك دأبها حتى كملت لها، فلقبت بـ”البرهانية”: «وهكذا استطاعت هذه المرأة الزاهدة أن تحقق ما عجز عنه الرجال المقربون إلى أبي عمرو، فدفعته إلى الكتابة والتأليف بعدما كان يفر من ذلك ويخشاه طيلة حياته، وبذلك تكون صاحبة الفضل في نشر وإذاعة آراء ومواقف شيخها في كل البلاد.» يقول ابن مومن تلميذ السلالجي: «كان بمدينة فاس امرأة تسمى خيرونة، وكانت من الصالحات القانتات الزاهدات الغافلات المؤمنات، وكانت تعظمه وتوقره وتلزم مجلسه، فرغبت إليه أن يكتب لها في لوحها شيئاً تقرأه على ما يلزمها من العقيدة، فكان يكتب لها في لوحها فصلاً متى كلفته ذلك، فكانت تحفظه، فإذا حفظته ومحته كتب لها لوحا ثانياً، فكان ذلك دأبها حتى كملت عقيدة وكتبتها وكتبت عنها ولقبت بالبرهانية وصارت بأيدي الناس كثيراً.»
موضوعها
بعد التقديم بالبسملة والحمدلة والصلاة على النبي، قسمها المؤلف إلى ثمانية عشر فصلاً، ويمكن تقسيمها-بحسب هذه الفصول-إلى خمسة أبواب:
-
الطبيعيات: ويذكر فيها المؤلف آراءه في التعريف بالعالم وأنه كل موجود سوى الله تبارك وتعالى، ثم ذكر رأيه حول تقسيم العالم إلى جواهر وأعراض وذكر الدليل على إثبات ذلك.
-
الإلهيات: وابتدأه بالاستدلال على إثبات وجود الصانع وقدَمه وأنه قائمٌ بنفسه، مثبتا صفات الله تعالى وأقسامها، ثم انتقل إلى الحديث عن جواز رؤية الله تعالى والحديث عن خلق الأعمال والعدل الإلهي.
-
النبوات: وذكر أن من الجائزات أيضا ابتعاث الرسل وتأييدهم بالمعجزات، متحدثاً عن حقيقة المعجزة وشروطها، والحديث عن عصمة الأنبياء والرسل، وبيان معجزة سيدنا محمد (ص)، ثم ذكر باقي السمعيات من الحشر والنشر وعذاب القبر وسؤال الملكين والصراط والميزان والحوض والشفاعة، وكذا ضرورة الإيمان بأنباء الآخرة جملة وتفصيلا.
-
أحكام التكليف: ثم انتقل إلى الحديث عن أحكام التكليف، وذكر أن أصول الأحكام ثلاثة: الكتاب والسنة والإجماع، وأن الإيمان جملة هو التصديق، ثم ذكر وجوب التوبة عند مقارفة الذنب وشروط ذلك، وأنها على الفور.
-
الإمامة: وتحدث فيه عن شروط الإمامة وطريقة ثبوتها وأحكامها، وأنه ليس من شرطها أن تثبت نصا، بل تثبت نصاً أو اجتهاداً، ثم تحدث عن أفضال الصحابة، وأنهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون.
Reviews
There are no reviews yet.