بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية | أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني
بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية أو نقض التأسيس هو كتاب لابن تيمية للرد على كتاب تأسيس التقديس لفخر الدين الرازي وقد ناقش فيها على الكثير من علماء الكلام والفلاسفة إبطال قول الفلاسفة باثبات الجواهر العقلية. وقال ابن قيم الجوزية في مدح الكتاب في نونينه: كذلك التأسيس أصبح (نقضه)أعجوبة للعالم الرباني .
محور الكتاب
يدور الكتاب على إثبات بعض الصفات التي يتأولها الأشاعرة ومنها الاستواء، فمع إقرار ابن تيمية أن تشبيه الله بخلقه هو خروج عن الإسلام، فإنه يؤكد في كتابه أن إنكار ما ورد في النصوص من وصف الله هو أيضًا كفر، لأن ما وصف الله به نفسه ليس تشبيهًا.
من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس ما وصف الله به نفسه تشبيهًا
ويؤكد ذلك مرارًأ «لو وافقتكم لكنت كافرًا – مريدًا لعلمي بأن هذا كفر مبين – وأنتم لا تكفرون لأنكم من أهل الجهل بحقائق الدين» ثم يبين أن محور الكتاب هو الرد على الرازي «ها نحن نذكر ما ذكره أبو عبد الله الرازي في كتابه الذي سماه تأسيس التقديس وضمنه الرد على مثبتي الصفات، القائلين بالعلو على العرش وبالصفات الخبرية الواردة في الأحاديث والآيات» مسألة الفتنة من المشرق أخذ ابن تيمية من مقدمة الرازي ذكره أنه يسكن أقصى المشرق، وربط ذلك بالأحاديث التي تحذر أن الفتنة تأتي من قبل المشرق وساق في ذلك عدة نصوص وأطنب فيها. ونقل عن عدد من العلماء محاوراتهم للجهمية بخصوص جهة العلو وممن نقل عنه عبد العزيز الكناني صاحب كتاب الحيدة والاعتذار في كتاب له (مفقود حاليًأ) هو الرد على الزنادقة الجهمية
يقول عبد العزيز الكناني في الرد على الزنادقة والجهمية (مفقود): أن الله لا يجري عليه كيف، وقد أخبرنا انه استوى على العرش، ولم يخبرنا كيف استوى، فوجب على المؤمنين أن يصدقوا ربهم باستوائه على العرش، وحرّم عليهم أن يصفوا كيف استوى، لأنه لم يخبرهم كيف ذلك، ولم تره العيون في الدنيا فتصفه بما رأت، وحرم عليهم أن يقولوا من حيث لا يعلمون، فآمنوا بخبره عن الاستواء ثم ردوا علم كيف استواؤه إلى الله.
وعلق ابن تيمية على كلام الكناني بأنه قد بين أن القياس والمعقول يوجب أن ما لا يكون في الشيء ولا خارجًا منه، فإنه لا يكون شيئًا، وأن ذلك صفة المعدوم الذي لا وجود له.ثم نقل عن الرازي إنكاره أن تكون هذه بديهية وإلا لما جاز الاستدلال على موضعها لأن القدح في الضروريات بالنظريات لا يجوز، فرد بما يؤكد أنها بديهية؛ وأن الناس عندما تسمع ما يخالف البديهية إما أنهم يعرفون مكان الشبهة والتناقض أو تعرض عن الكلام لتشتغل بما هو أنفع. وركز على أن الحجج المخالفة للفطرة والكتاب التي يدعى أنها قواطع عقلية وأنها أصل الشرع تبديل وقلب للأمر.
ونقل جملة من السجالات منها حوار بين أبي جعفر الهمداني (ت 531 هـ) وأبي المعالي الجويني، فرده من الكلام عن العرش الذي هو سمعي إلى الكلام عن قصد الداعي جهة العلو وهو أمر فطري، فقال: “حيرني الهمداني”، ونقل عن الجويني قبل وفاته أنه أشهد الناس أنه يموت على اعتقاد “عجائز نيسابور”
جهمية أم أشاعرة
الجهمية فرقة عقدية تنتسب إلى الجهم بن صفوان ويشتهرون بنفي الصفات الإلهية أو تعطيلها، والإرجاء في العمل لأن الإيمان في القلب، والجبرية لأن الله خالق أفعال العباد، ونفي رؤية الله، وإنكار بقاء الجنة والنار. ولكن ينسب الأشاعرة و الماتريدية إلى هذه الفرقة رغم اختلافهم عنها في كثير من الجوانب، ونسبة الأشاعرة إلى الجهمية عادة منتشرة في كتب بعض الحنابلة، يدور السجال غالبًا بين الأشاعرة وبين بعض الحنابلة على إثبات بعض الصفات؛ وهم لا يختلفون على صفات أساسية كالعلم والقدرة والحياة، بل ينحصر الخلاف بينهم في إثبات أمور كالاستواء واليد والوجه، فيتأولها الأشاعرة اعتمادًا على أن اللغة فيها حقيقة ومجاز وأن العقل حكمناه في إثبات الأصل وهو وجود الله، فلنا أن نحكمه في تقرير الأخذ بظاهر النصوص (الحقيقة اللغوية) فتكون اليد هي الجارحة المعروفة أو التأويل (المجاز) فتكون اليد هي القوة أو النعمة. ويرد الشيخ ابن تيمية في مؤلفه على ما كتبه أحد رؤساء الأشاعرة المتأخرين وهو فخر الدين الرازي في كتابه تأسيس التقديس، ولا يتعرض في رده لمجمل اعتقادات الجهمية المعروفة ومنها خلق القرآن وغيرها مما يشتهرون به بل يركز على أمور العلو والجهة والاستواء واليد والرجل والوجه ويختم بتفصيل عن المحكم والمتشابه في النصوص.
Reviews
There are no reviews yet.