شرح الأشعار الجاهلية | الوزير أبو بكر عاصم بن أيوب البطليوسي
تأتي أهمية الكتاب من كونه يضم شرحاً لدواوين ستة من أعلام شعراء الجاهلية هم: امرؤ القيس بن حجر، والنابغة الذبياني، وعلقمة بن عبدة الفحل، وزهير بن أبي سلمى، وطرفة بن العبد البكري، وعنترة بن شدّاد، مع شرحها شرحاً وافياً، قام بهذا العمل الوزير أبو بكر عاصم بن أيوب البطليوسي الأندلسي. فأصبح هذا الكتاب من الكتب المهمة التي تدرس في الأندلس واشتهر أيضاً في المغرب وأصبح كالكتب المدرسية المقررة فهو من الأصول المهمة التي يرجع إليها الأدباء والطلاب، ويستدل على هذا الأمر مما جاء في ترجمة علي بن عبد الله الأنصاري من أنه “كتب بخطه الأنيق كثيراً من كتب المبتدئين كالجمل وأشعار الستة والحماسة المازنية وفصيح ثعلب وغيرها”.
من ديوان امرئ القيس نقتطف هذه الأبيات التي يهجو بها قيصر ملك الروم: “إني حَلَفْتُ يَميناً غير كاذبةٍ/لأنت أقْلفُ إلاَّ ما جَبى العَمرُ، إذا طعنت به مالتْ عِمامتُهُ/كما تجمّعَ تحت الفلكةِ الوبرُ”.
لطفي التومي قام بتحقيق عمله هنا بعد ثمانية وعشرون عاماً على إصدار الجزء الأول منه لناصيف عوّاد، يعد مرجعاً في الأدب العربي وخاصة بالشعر الجاهلي وهو من أهم الشروح القديمة المتبقية لدواوين الشعراء الستة الجاهليين أصحاب المعلقات.
وإسهاماً من الباحث في إغناء المكتبة العربية بهذا العمل الأدبي وليكون كاملاً للدارسين والمهتمين اهتم بشرح البطليوسي فوقع على مخطوط هو نسخة ثانية لمخطوط اسطنبول وجده في مكتبة فيينا أما الجديد الذي اكتشفه فهو أن ناسخ مخطوط اسطنبول هو عبد الكريم بن محمد، وليس بن أحمد وقد انتهى من نسخها يوم 9 شوال سنة 1046هـ (وليس 1064هـ، وأن هذه الدواوين ليست اختيار أندلسي بحت حسب ما جاء به ناصيف عواد وإنما هي من اختيارات الأصمعي المتوفى سنة 438هـ. الذي ترك كتاباً اسمه كتاب القصائد الستة، أي المعلقات وربما سمي كتاب القصائد الستة لشهرة المعلقات وذيوع صيتها بين الأدباء تماماً كما آثر السيوطي (المتوفى سنة 911هـ) أن يسمي شرح البطليوسي لدواوين الشعراء الستة بشرح المعلقات. وأن شرح الأصمعي لهذه المجموعة الشعرية كان المصدر الرئيسي للبطليوسي في تأليف كتابه شرح الأشعار الستة الجاهلية.
فهو في شرحه لأبيات الشعراء الستة يعتمد أولاً على رواية وشرح الأصمعي. ثم يقارن ذلك بروايات أخرى. فمن الأمثلة التي يوردها المحقق لطفي التومي والتي تبرز اعتماد البطليوسي على رواية الأصمعي: “ولا غَرْوَ إلا جاريَ وسؤالها/ألا هل لنا أهلٌ سئلت كذلك… ورواها أبو يوسف: “أليس لها أهل”؛ والرواية الأولى رواية الأصمعي”. ومن الأمثلة التي تبرز اعتماده أولاً على شرح الأصمعي: “بها العين والآرامُ يمشين خِلْفَةً/وأطلاؤها ينهضنَ من كُلّ مجْثَمِ”. دراسة أدبية هامة هي مرجع أساسي لكل العاملين في حفل الأدب والشعر موثقة بطريقة علمية وتحليلة دقيقة للشعراء الستة الجاهليين الأوائل.
Reviews
There are no reviews yet.