مسائل الامام أحمد بن حنبل من رواية محمد بن ماهان النيسابوري
هذا الكتاب يضم مسائل الإمام أحمد في الفقه، حيث بقيت آراؤه الفقهية فيها عن طريق مسائل تلاميذه له، وأولئك التلاميذ طبقات متعددة وهم في مراتب متفاوتة؛ قلة وكثرة، وصحة وضعفًا، وقبولًا وردًا، ومن أجلّهم محمد بن ماهان النيسابوري، الذي صحب الإمام أحمد أكثر من اثنتي عشرة سنة، وقد تناثرت تلك الروايات في مظانها، وقام المحقق بجمعها من الكتب المعروفة بذلك في المذهب كالمسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين لأبي يعلى، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى، والمغنى لابن قدامة، والمحرر في الفقه لابن تيمية الجد، والفروع لابن مفلح الكبير، والمبدع شرح المقنع لابن مفلح الصغير، والقواعد لابن رجب، والإنصاف للمرداوي.. وغيرها.
وصاحب تلك المسائل هو محمد بن ماهان النيسابوري السمسار، نسبة إلى البيع والشراء، فقد كان تاجرًا أو اتجر بعد أخذه العلم. وكان رحمه الله من جلة أصحاب أحمد وفضلائهم، نوه به في عدادهم ابن أبي يعلى، وابن مفلح، وغيره، وقد صحبه قديمًا؛ فإنه ذكر في إحدى مسائله أنه سأل الإمام أحمد سنة تسع وعشرين ومائة أي قبل وفاته باثنتي عشرة سنة. وجاء في وصف النابلسي وابن مفلح له بالجلالة فقالوا: كان جليل القدر.
ومسائله لأحمد هي مما سأل عنه تارة، ومما سمعه والإمام يسأل عنه تارة أخرى، فإنه قال في بعضها: سألت أحمد بن حنبل، وقال في بعضها: سئل أحمد وأنا أسمع، ومنها مسائل أخرى لا تعلق لها بسؤال سائل، وربما بحث معه في جوابه، وذلك يدل على ملازمته وولعه بحفظ مسائل أحمد عنه. ومسائله وصفها ابن أبي يعلى بالحسن، فقال: له مسائل حسان، وقد نقل كل من ابن أبي يعلى والنابلسي وابن مفلح تلك المسائل، ولم يعقبوا على ما نقلوه بشيء، ولم يوجد أحد من أئمة الحنابلة أحدًا استنكر مسألة منها، فهو من ثقات نقلة مسائل أحمد عنه.
وقد روى مسائل أحمد عن ابن ماهان تلميذه أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم بن الحارث القطان، وأخذ عنه، وكان أخذه عنه سنة تسع وأربعين ومائتين، وتوفي ابن ماهان سنة أربع وثمانين ومائتين، بعد وفاة الإمام أحمد بثلاث وأربعين سنة. وجملة مسائله التي وقف عليها قرابة تسع عشرة مسألة، وذكر العلام الشيخ “بكر أبو زيد” في “المدخل المفصل” أن له مسائل كثيرة، وليست هذه المسائل في باب واحد، ولا أبواب معينة في الفقه، وإنما كانت مختلفة في عبادات ومعاملات وأنكحة وجنايات، حيث استوعبت أرباع الفقه الأربعة. وتلك المسائل تشهد بأن ابن ماهان من أهل الفقه، ومن تلامذة الإمام أحمد بن حنبل النبهاء، وليس مجرد راو ينقل ما سمع، فهو راو فقيه.
وقد قام المحقق بجمع تلك المسائل، مع تصوير المسألة المراد بحثها تصويرًا دقيقًا قبل بيان حكمها ليتضح المقصود من دراستها. وإذا كانت المسألة من مواضع الاتفاق يذكر حكمها بدليله، وإذا كانت من مسائل الخلاف يحرر محل الخلاف مع ذكر الأقوال المختلفة في المسألة، وبيان من قال بها من أهل العلم، ويكون عرض الخلاف حسب الاتجاهات الفقهية. مع توثيق الأقوال من مصادرها الأصلية، والمقارنة بين المذاهب الفقهية المعتبرة في المسائل محل الخلاف، واستقصاء أدلة الأقوال مع بيان وجه الدلالة. واعتمد المحقق على أمهات المصادر والمراجع الأصلية في التحرير والتوثيق والتخريج والجمع، وتجنب الأقوال الشاذة. والمحقق هو الشيخ عبد السلام بن محمد بن سعد الشويعر المدرس في الحرمين الشريفين
Reviews
There are no reviews yet.