شرح مشكل الآثار | الامام ابي جعفر احمد بن محمد بن سلامة الطحاوي
يعد كتاب شرح مشكل الآثار للإمام الطحاوي كتابًا مفيدًا في أحاديث الأحكام وأدلة المسائل الخلافية، صنفه صاحبه مرتبًا على الكتب والأبواب الفقهية، وذكر فيه الآثار المأثورة عن رسول الله
في الأحكام التي يتوهم أن بعضها ينقض بعضًا، وبين ناسخها من ومنسوخها، ومقيدها من مطلقها، وما يجب به العمل وما لا يجب، مع سوق الآثار التي يتمسك بها أهل الخلاف، وبيان سندها ومتنها، وأقوال الصحابة والأئمة والعلماء فيها. وقد شرح الكتاب بدر الدين محمود بن محمد العيني (855هـ)، واعتنى بأسماء رجاله زين الدين المعروف بابن الهمام (661هـ) كما شرحه أبو الحسين محمد الباهلي (321هـ ) . يُعدّ كتاب الإمام الطحاوي في بيان المشكل من أعظم كتبه التي صنفها للانتصار للسنة وللردّ على الذين يطعنون في السنة. “رأى الإمام الطحاوي أن بعض نصوص الشرع بينها تعارض ظاهري بحيث إنها تبدو عند المقارنة بينها متناقضة، ولكن مرد هذا التناقض قد يكون لأن بعضها ينسخ بعضًا أو يخصصه أو يقيد مطلقه أو يكون أحد النصين المتعارضين ثابتا والآخر ليس كذلك. فكانت همة المؤلف ترتكز على دفع هذا التعارض المتوهم، فبين ذلك بكافة الأساليب، ولكي ييسِّر على المنتفع بالكتاب الوصول إلى بغيته، فقد رتب الكتاب على الأبواب، والتي بلغت (1002) وبدأ ذلك بـ: ” باب ما قد روي عن رسول الله
في أشد الناس عذابًا يوم القيامة “. وختم الكتاب بـ: ” بيان مشكل ما روي عن رسول الله في نهيه عن الإقعاء في الصلاة ما هو؟!”. ولم يخصّه بنوع معيّن من الأحاديث، بل أودعه من الأحاديث التي رآها مشكلة خفيّة المعنى، سواء أكانت تلك الأحاديث في العقيدة، أو التفسير، أو الفقه، أو اللغة، أو الفضائل
كان منهج الطحاوي فريدًا من نوعه في طرائق دفع الإشكال عن الحديث، فهو يلجأ إلى وضع كل حديثين ظاهرهما التعارض في موضوع واحد إلى جوار البعض في باب واحد، ليتبعها بمرويات أخرى في الباب بما صح عنده من أسانيد، ثم يجري دراسة مقارنة بينها جميعًا، بما يشبه بالتفسير الموضوعي أو بمنهج التجميع أو التنقيح عند الأصوليين ليستخلص من المقارنة في نهاية المطاف ما يؤدي إلى اجتهاده من معانِ، ومن طرق لإزالة الإشكال، أو تعارض ظاهري بين الأحاديث، وهو يتعرض في ذلك لسائر أنواع المشكل بأسبابها المختلفة، ولكن أغلب الإشكالات عنده بسبب التعارض الظاهري، لذلك فإن كتابه أقرب إلى مصنفات اختلاق الحديث من هذا الوجه، ويدفع الطحاوي الإشكال باتباع أساليب مختلفة، فهو تارة يعمد إلى التوفيق بين الحديثين وذلك بالشرح وتوجيه المعنى وهو الأكثر، وتارة يرفع الإشكال ببيان النسخ، وأحيانا لا يجد مناصا لرفع الإشكال إلا بتضعيف أحد الحديثين ورده، وهكذا. وبهذا المنهج استطاع الأمام الطحاوي أن يجمع بين شرح المعنى وبيان الأحكام في الحديث النبوي، وإزالة الإشكال عنه في وقت واحد. وهذا المنهج نفسه اتبعه الطحاوي في كتابه الآخر وهو شرح معاني الآثار، مع الاختلاف في موضوع الكتابين، فهذا الأخير موضوعه شرح الأحكام الفقهية الواردة في السنة: عبادات – معاملات، مع الترجيح بينها في النهاية على مذهب الإمام أبي حنيفة في الغالب، فمنهج أبي جعفر الطحاوي في كتابيه أشبه بمنهج أبي جعفر الآخر وهو ابن جرير الطبري، في كتابه تهذيب الآثار، ولعل الأول اقتبس المنهج من الأخير

Reviews
There are no reviews yet.