كشف الغطاء عن حكم ابن عطاء | ابن عطاء الله الاسكندي | الخطيب الوزيري
لقد رُزقت “الحكم الوطائية” بشروح لم تحظَ بها حِكمٌ أخرى، ذاك أنها منائح ربانية، وعطايا إلهية، وهم أهل الولاية والكرامة، صَفَوا فصفت قلوبهم، وعاشوا في عالم الملكوت بأرواحهم، وارتقوا إلى عالم الشهود، فسمعوا ما لم يَسْمِع غيرهم، وأبصروا ما لا يتاح لسواهم.
لذا اشتملت هذه الحكم العطائية على رقائق وحقائق، تفيد باعثّ على إقبال الخلق من الخالق، وكيف لا!… وهي تتعلق بحكم العارف بالله… ابن عطاء الله، قطب العارفين، وترجمان الواصلين ومرشد السالكين، وقدوة العلماء العالمين، وحكمه كما قيل: “هي أفضل ما صُنِّف في علم التوحيد، وأجلّ ما اعتمده بالتفهيم والتحفيظ كل سالك ومريد، ذات عبارة رائقة، ومعانٍ حسنةٍ فائقة، قصد فيها إلى إيضاح طرق العارفين والحد حدين، وإبانة منهج السالكين والمتجرّدين”.
هذا ولما كان علم التصوف من أجلّ العلوم قدراً، وأعظمها محلاَّ وفخراً، وأسناها شمساً وبدراً، وكيف لا!… وهو لباب الشريعة، ومنهاج الطريقة، ومنه تشرق أنوار الحقيقة، كما نصّ العلّامة ابن عجيبة”.
من هنا، كان لا بد من العمل على إبراز هذا الأثر النفيس، وقد تحقق ذلك، في هذا الكتاب، الذي اشتمل على هذا الأثر “كشف الغطاء عن حكم ابن عطاء” للعلامة المصري الخطيب الوزيري والمصري، وهو ينشر لأول مرة، وهو شرحٌ فريدٌ كشف فيه العلامة الوزيري عن مقصود مؤلفه وزاد، وشرح متنه بمتنٍ يضاحيه وأفاد، وذلك بأسلوب رائق، وسجعٍ فائق، يُطرب الإسماع، ويضفي على الألباب بوارق الإمتاع، ولا عجب في ذلك… فالعارف يكشف أسرار العارف.
وقد أغنى المحقق هذا الأثر، حيث قدّم بين يدي هذا العمل فصلين؛ شمل الأول منهما نبذة عن حياة العلامة صاحب هذا الأثر، الخطيب الوزيري، وآثاره، وأما الفصل الثاني، فقد جاء بمثابة دراسة شملت التعريف ”كشف الغطاء حكم ابن عطاء”، وقد سبقهما تمهيد موجز عن صاحب الحكم العطائية؛ العارف بالله ابن عطاء الله وحكمه.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فقد اشتمل هذا الكتاب على عملية تحقيق لمصنِّف آخر للخطيب الوزيري أيضاً وهو “الفتوحات الربانية” في شرح الرسالة الرسلانية، ومما لا شك فيه أن كتاب “الفتوحات الربانية” ثابت في نسبته للعلامة الخطيب الوزيري، وفي ذلك قرائن ذكرها المحقق في بداية هذا الجزء، أما مضمون الكتاب ومنهج مؤلف فيه، فإن المتأمل في عنوان الكتاب يدرك من أول وهلة أن العنوان دالّ على المضمون، فهو شرحٌ نفيس على “الرسالة الرسلانية” لابن أرسلان الدمشقي.
أما منهج صاحب الشرح فيه فيتلخص إجمالاً فيما يلي: 1-أنه التزم في شرحه ترتيب ابن أرسلان في رسالته، 2-أنه شرحه شرحاً بالقول، 3-أنه شرح متن الرسالة الرسلانية بمتن يضاهيه، بأسلوب رائق، وسجع فائق، وهذا يدل على تمكن الشارح الوزيري في باب اللغة، وفهم المتن المشروح، 4-أنه تناول في شرحه كل عبارات “الرسالة الرسلانية” إلا عبارة واحدة أغفل شرحها لوضوح معناها، 5-أنه استأنس في شرحه ببعض الشواهد؛ كالقرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر؛ بالإضافة إلى أقوال بعض العارفين.
هذا غيضٌ من فيض ما جاء في هذا الشرح من لطائف يطلّع عليها القارئ أثناء مطالعة لهذا العمل، أما منهج التحقيق فجاء على النحو التالي: اتبع المحقق في عمله في تحقيق هذا الأثر المنهج الأمثل المتعارف عليه لدى المحققين، والذي يتمثل بإخراج النص في الصورة المثل، وتحرير النصّ وفق القواعد الإملائية الحديثة، مصلحاً التصحيف والتحريف الوارد في النص، وبيان ذلك في موضعه، ثم قيامه بتخريج الشواهد الواردة في هذا الكتاب: من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، والأشعار، كلٌّ حسب مظانّه، ثم توثيق أقوال العلماء الواردة في الكتاب من مظانّها، وترجمة للأعلام الواردة ترجمة موجزة، والربط بين هذا الكتاب وكتب شروح الرسالة الرسلانية، مفيداً منها في التعليق، ثم تفسير الألفاظ الغريبة الواردة في المتن من الكتب المخصصة بذلك؛ لا سيما المختصة بألفاظ الصوفية، ثم التعليق على ما يحتاج لتعليق في النص المحقق، تم إغناء النص بفهارس فنية تعين القارئ على نشدان بغيته بيسر وسهولة.
Reviews
There are no reviews yet.