مقدمة كتاب المجروحين من المحدثين | ابي حاتم بن حبان البستي

مقدمة كتاب المجروحين من المحدثين وعليه تعليقات يسيرة لامام ابي الحسن الدارقطني | ابي حاتم بن حبان البستي

لقد اكرم الله هذه الامو وشرفها وفضلها بالاسناد وليس لاحد من الامم كلها مثل هذا الفضل وانما لديهم صحف في ايديهم وقد خلطوا بكتبهم اخبارهم وليس عندهم تمييز بين ما انزل من لتوراة والانجيل مما جاء به انبيائهم وتمييز بين ما الحقوه بكتبهم من الاخبار التي اخذوا عن غير ثقات. وهذه الامةانما تنص الحديث من الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والامانة عن مثله حتى تتناهى اخبارهم ثم يبحثون اشد البحث حتى يعرفوا الاحفظ فالاحفظ والاضبط فالاضبط. والاطول مجالسة لمن فوقه ممن كان اقل مجالسة ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها واكثر حتى يذهبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا فهذا من اعظم نعم الله تعالى على هذه الامة. والاسناد هو الطريق الموصلة الى المتن وما دام ان الامر كذلك فان علماء الحديث لاياخذون المتن الا بعد ان يتفقدوا تلك الطريق لعل فيها ما يقطع الوصل اليه ولايرتضون من احد ان يواصلهم الى ذلك المتن بدون ان يسلك بهم اليه تلك الطريق 

فهذا الامام عبد الله بن مبارك رحمه الله يقول: الاسناد من الدين لولا الاسناد لقال من شاء ما شاء فاذا قيل : عمن بقي. وقد قام بهذا الامر الجليل وهو الكلام في الرواة جرحا وتعديلا جماعة من ائمة اهل الحديث امثال مالك والثوري وشعبة و الاوزعي وابن مبارك وغيرهم واتبع قافلتهم الامام ابن حبان البستي رحمه الله ومن كتبه كتاب المجروحين واورد فيه المجروحين من المحدثين ممن اطلق عليهم ائمتنا القدح وصح عنده فيهم الجرح مع ذكر السبب الذي من اجله جرحوا والعلة التي بها قدحوا وقدم له بمقدمة علمية نفيسة جمع فيها فوائد تشد لها الرحال وتكتب بماء الذهب وهذه هي التي بين ايدينا