الفسر شرح ابن جني الكبير على ديوان المتنبي | أبي الفتح عثمان بن جني
هذا هو كتاب (الفسر) لأبي الفتح عثمان بن جني، وهو شرحه الكبير على ديوان أبي الطيب المتنبي في دراسته وتحقيقه سنوات، حاول أن يصل فيها إلى ما يرضي العلم وأهله في إنجاز هذا العمل الذي انقسم إلى قسمان: دراسة وتحقيق.
أما الدراسة، فقد حاول أن تأتي شاملة جامعة لما يتعلق بهذا الشرح وصاحبه إبن جني، وقد جاءت في أربعة أبواب: الباب الأول والثاني يتعلقان بابن جني بشكل عام، وقد جعل الباب الأول ثلاثة فصول.
تحدث في الفصل الأول عن عصر أبن جني، وهو عصر هام من كل نواحيه، وقد أسهب في الحديث عن الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية في هذا العصر الذي كان يتزاحم فيه العلماء لنيل قصب السبق في ميادين العلم والمعرفة فيما كان يتطاحن فيه الحكام ليملكوا رقاب العباد وخيرات البلاد.
وتحدث في الفصل الثاني عن حياة إبن جني، فدرسها من كل جوانبها وحاول أن يظهر صورة مفصلة لهذه الشخصية العظيمة التي تعد بحق من الشخصيات النادرة في تاريخنا الأدبي.
ووقف في الفصل الثالث للحديث عن آثار إبن جني الكثيرة عددا الغنية قيمة المتنوعة فنونا، وأظهر قيمتها من خلال تأثيرها الذي بدا في اللغة والنحو والفكر والأدب.
وأما الباب الثاني، فقد جاء في أربعة فصول، كلها تتجه لدراسة مذهب أبن جني النحوي، ولما كان أبو علي الفارسي الأستاذ الذي أودع في ذاكرة تلميذه مكانة قلّما وصل إليها أستاذ عند تلميذ، فقد خصص الفصل الأول للحديث بإسهاب عن أبي علي الفارسي الذي ترى ابن جني بارزا حيثما تحدث عنه. وأما الفصل الثاني فقد درس فيه مذهب ابن جني النحوي، وتوصل إلى رأي سبقه إليه كثير من الباحثين، وتأرجح في شأنه كثير آخرون، أبدوا رأيهم بوضوح حول هذه المسألة. ولما كان إبن جني أهم عالم عرفته العربية في التصريف فقد أفرد لذلك فصلا كاملا، ودرس فيه هذا العلم ، وعلاقته بالنحو، ثم اوقف القسم الأكبر منه للحديث عن إبن جني وآرائه ومؤلفاته في هذا العلم.
ولما كان إبن جني موسوعة معرفية ذات غنى وتنوع، فقد ارتأى أن يقف عند جانب آخر من جوانب معرفته، وهو تمكنه من علم القراءات، ووقف طويلا عند كتابه المحتسب الذي وقفه للقراءات الشاذة، وبهذا الفصل ختم الباب الثاني.
وأما البابان الثالث والرابع فقد رصد فيهما شرح إبن جني لديوان المتنبي، درس في الباب الثالث منهج إبن جني في شرح ديوان المتنبي، وجاء في ثلاثة فصول، درس في الفصل الأول ترتيب إبن جني وروايته للديوان، وهو ترتيب اقتدى به كثير من الشراح لاحقا، وكانت رواية إبن جني ذات موقع خاص بالنسبة للروايات الأخرى، فأشار إلى ذلك في هذا الفصل.
ودرس في الفصل الثاني مصادر إبن جني في رواية الديوان وشرحه، وميز بين مصادر الشرح ومصادر المسائل المساعدة للشرح، فأما المصادر المساعدة فكانت عين مصادر إبن جني في مؤلفاته الأخرى مع بعض الفوارق إشار إليها، وأما مصادره في الشرح والرواية فكانت مصدرا واحدا، هو الشاعر نفسه، ثم تأتي بعض النسخ التي اطلع عليها الشارح، وتأتي قيمتها من كونها بخط الشاعر أو قرئت عليه. ولما كان المتنبي مصدر الشرح والرواية، فقد وقف في الفصل الثالث للعلاقة بين إبن جني والمتنبي، تلك العلاقة الحميمة التي جمعت بينهما، وكان كل منهما شديد الإعجاب بالآخر، وعالج مسألة قراءة إبن جني على المتنبي، وتوصل إلى آراء يقينية.
وأما الباب الرابع والأخير، فقد وقفه لتأثير إبن جني ومآخذ العلماء عليه، وجعله في فصلين، درس في الأول بتفصيل دقيق تلك الحركة الكبيرة التي قامت حول دراسة وشرح ونقد الديوان، واستمرت إلى أيامنا هذه.
وأما الفصل الثاني والذي ختم به الدراسة فقد تحدث فيه عن تلك الحركة التي أثارها شرح إبن جني، ورصد آراء عدد كبير من منتقدي هذا الشرح، وبين ما له وما عليه.
وأما القسم الثاني من هذه الرسالة، فهو تحقيق شرح إبن جني على ديوان المتنبي، حيث التزم فيه المحقق تقسيم إبن جني الذي جاء في ثلاثة أجزاء كما هو في نسخة الأصل، وقام بكل ما يجب أن يقوم به الباحث ليقدم نصا صحيحا سليما كما وضعه مؤلفه. حيث عمد في تحقيقه إلى ما يلي: اتخذ نسخة جامع قونية التي يحتفظ مجمع اللغة العربية بدمشق بصورة عنها أصلا، ثم عارض هذه النسخة مع ما يوجد في المخطوطات الأخرى جميعا، واعتمد نص نسخة الأصل التي قضت تعليقات كثيرة للشاعر الوحيد الأزدي على الشرح والشعر في متن الكتاب.
كما تضمنت على هامشها تعليقات متأخرة لأحد القراء، وهي تعليقات غير واضحة، يبدو أنها مجرد خواطر عنّت في بال ذلك القارىء، وبعضها لأكثر من قارىء فدونها على عجل، فجاءت مضطربة جذا وغير واضحة في الغالب. وقد أفرغ الحواشي ما رأه صالحا منها ومقروءا، وأشار إلى ما لم يثبت في الهوامش.
وعارض أيضا في مواطن كثيرة نقول الواحدي وإبن المستوفي والتبيان وغيرهم عن إبن جني مع نص الفسر، وأشار إلى ذلك. وبيّنا أن نصوصا كثيرة لإبن جني استقرت في هذه الكتب، ولم يشر الشارحون إلى صاحبها الحقيقي. وكان عمل إبن المستوفي غاية في الأهمية، مما يجعل عدم توفر هذا الشرح كاملا خسارة لا تقل عن عدم توفر شرح ابن جني مطبوعا، وقد أعانهم كثيرا على التصويب والتعليق والرواية.
ويكثر إبن جني من الإستشهاد بالأبيات الشعرية، وعليها مدار عمله، ومن خلالها أراد التوصل إلى غايته، وهي الدفاع عن المتنبي، لذلك حاول استقصاء أماكن وجود هذه الشواهد، و هو يرمي إلى التدليل على أن إبن جني يشكل مصدرا رئيسا للشاهد الشعري في المؤلفات اللاحقة، ولعله يقدم شيئا من الفائدة للباحثين؛ إذ يمكن اعتماد شواهد أبن جني معيارا لتصويب ورودها في أماكن أخرى.
كما ساهم أيضا بتخريج الآيات القرآنية والقراءات والأحاديث والأشعار والأمثال والأقوال والنصوص. وقد رأى أن المسائل النحوية والصرفية تشغل حيزا كبيرا من هذا الشرح، وقد توقف أبو الفتح طويلا عند مسائل النحو الصرف. مما جعلها ظاهرة، تسم هذا الشرح، فأفرد لها ملحقا خاصا في الفهارس.
ومن حيث إخراج النص قام المحقق بما يلي: رقم القصائد من البداية وحتى آخر الكتاب حسب ورودها في الفسر. رقّم أبيات كل قصيدة أو مقطعة على حدة. جعل مطلع كل قصيدة او مقطعة او بيت بداية لصفحة جديدة. عقد مقارنة لوجود القصائد في الفسر مع الديوان أو الشروح الأخرى. ضبط النص من شعر المتنبي والشرح والشواهد ضبطا تاما ودقيقا ما أمكن، وشمل هذا الضبط حتى الحواشي. ميز شعر المتنبي في المتن عن بقية الشرح بما في ذلك الشواهد الشعرية، ليسهل الأمر على القارىء. وضع فهارس شاملة. وقد استعان بمئات المصادر والمراجع.
Reviews
There are no reviews yet.