الكامل في اللغة والادب | ابي العباس محمد بن يزيد المبرد
الكامل في اللغة والأدب’ كتاب في فن الأدب من تأليف المبرد، يقع الكتاب في أربعة أجزاء، وقد طُبع مرات عديدة. تم شرحه من قبل سيد المرصفي في ثمانية أجزاء كبيرة بعنوان “رغبة الأمل في شرح الكامل”. كتاب يظهر موضوعه من عنوانه، فهو يبحث في علوم اللغة وآدابها وهذا الكتاب هو أحد أصول علم الأدب واركانه، وهو بمثابة ديوان تخير فيه مصنفه نصوصا من أقوال العرب القدامى شعرا ونثرا، وشرح هذه النصوص واستخرج ما فيها من فوائد ونكت تخص اللغة والأدب العربي
وذكر العلامة ابن خلدون في مقدمته مفهوم علم الأدب وأصوله ثم قال : (وقد سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة دواوين : وهي أدب الكتاب لابن قتيبة، وكتاب الكامل للمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى ذلك فتبع لها وفروع عنها).
وقال القاضي الفاضل (طالعته سبعين مرة، وكل مرة أزداد منه فوائد).
وقد تحدث عن أهمية الكتاب أيضا أبو الفرج المعافى بن زكريا في كتابه (الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي) يقول: “وعمل أبو العباس محمد بن يزيد النحوي كتابه الذي سماه «الكامل» وضمنه أخبارا وقصصا لا إسناد لكثير منها، وأودعه من اشتقاق اللغة وشرحها وبيان أسرارها وفقهها ما يأتي مثله به، لسعة علمه وقوة فهمه ولطيف فكرته، وصفاء قريحته، ومن جلي النحو والإعراب وغامضها ما يقل وجود من يسد فيه مسده”.
ويعد كتاب الكامل مصدراً مهمًّا لدراسة أخبار الخوارج إذ أورد عددًا كبيرًا من أخبارهم واستطرد في إيراد أشعارهم وخطبهم وذكر فرقهم وحروبهم وقوادهم في باب مستقلٍّ أبان فيه عن منهجه في ذكر أخبار الخوارج فقال (وأخبار الخوارج كثيرة طويلة، وليس كتابنا مفردًا لهم، ولكنا نذكر من أمورهم ما فيه معنىً وأدب، أو شعر مستطرف، أو كلام من خطبة معروفة مختارة) وأتبع المبرد هذا الباب بعدة أبواب تحدث فيها عنهم بحديث طويل مفصّل فيه استطراد كبير، وقد يخرج إلى ذكر أمور أخرى ثم يعود إلى حديث الخوارج.. واعتذر المبرد عن الإطالة في أخبارهم بعد أن انتهى من ذكرها فقال (وهذا الباب لم نبتدئه لتتصل فيه أخبار الخوارج، ولكن ربما اتصل شيء بشيء، والحديث ذو شجون، ويقترح المقترح ما يفسخ به عزم صاحب الكتاب، ويصده عن سنته، ويزيله عن طريقه)…
– وفي الكتاب إشارات بلاغية مهمة فهو يتحدث عن الكناية وأقسامها، والمجاز وأنواعه، والاستعارة وألوانها، والالتفات والتجريد، وأطنب القول في التشبيه، وعقد له باب خاصاً، وبين أن (العرب تشبه على أربعة أضرب، فتشبيه مفرط، وتشبيه مصيب، وتشبيه مقارب، وتشبيه بعيد يحتاج إلى التفسير ولا يقوم بنفسه، وهو أخشن الكلام) وخص الإيجاز، ويسميه الاختصار، ويقيده بالمفهم، والإطناب ويصفه بالمفخم، بباب آخر أورد فيه ألواناً (من ألفاظ العرب البينة، القريبة، المفهمة، الحسنة الوصف، الجميلة الرصف).
– ويتميز الكتاب أيضًا بكثرة القضايا اللغوية درسًا وتناولاً واستشهادًا في مختلف صفحات الكتاب ، فهو يشرح كل نص شرحًا يتحرى الدقة والعمق والتفريع.
– وهو يحتوي على عدد كبير من الأمثال العربية وشرحها بلغت خمسة وسبعين مثلاً ، مع ذكر أصلها والمناسبة التي تقال فيها.
– وعمد المبرد إلى إيراد كثير من أقوال الحكماء وأخبارهم ، حتى إنه جعل فصلاً في ذلك عنوانه: نبذ من أخبار الحكماء.
– كذلك عالج الكتاب كثيرًا من القضايا النحوية ، وهذا ظاهر جلي في الكتاب ويورد المبرد -وهو رأس النحاة البصريين في عصره- المسائل النحوية في إثر شرح النصوص وذكر قضاياها اللغوية .
– والميزة اللطيف في الكتاب أنه يتوشح بنكات وطرائف يوردها المؤلف بين الحين والحين، مما يجعل القارئ يستريح من عناء أو تعب، وينشط إذا مل أو سئم، وهو في هذه النكات لا يخرج إلى الفحش وخدش الحياء، بل كل الطرائف التي يوردها من الحديث المنعش المليح.
وهو من أمتع كتب العربية، فهو يثقف النفس، ويهذب الروح ، ويصقل العقل، ويوسع الأفق، وينمي في الإنسان ملكة حب المعرفة.
منهج الكتاب
أبان المبرد عن موضوع كتابه ومنهجه في أول الكتاب بقوله : (هذا كتاب ألفناه يجمع ضروباً من الآداب، ما بين كلام منثور، وشعر مرصوف، ومثل سائر، وموعظة بالغة، واختيار من خطبة شريفة، ورسالة بليغة . والنية فيه أن نفسر كل ما وقع في هذا الكتاب من كلام غريب، أو معنى مستغلق، وأن نشرح ما يعرض فيه من الإعراب شرحاً شافيًا، حتى يكون هذا الكتاب بنفسه مكتفيًا، وعن أن يرجع إلى أحد في تفسيره مستغنياً).
وقد رتب المبرد كتابه على أبواب مختلفة ومتفرقة، بلغت تسعة وخمسين بابا؛ صدره بباب في الكلام عن قوله – صلى الله عليه وسلم – للأنصار:«إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع»، وختمه بباب عنوانه: من متنخل طريف الشعر وذكر آيات من القرآن ربما غلط في مجازها النحويون.
وتقسيم المبرد كتابه إلى أبواب لم يكن على نظام معين أو نسق مرتب -فيما يظهر- ، والظاهر أن هذا الترتيب الذي لم يكن سياقه منظماً كان يقصد إليه قصداً في كتب الأدب تجنباً لإملال السامع وراحةً لذهن القارئ. بيد أن هذا التقسيم حوى من الفوائد والآداب ما جعل هذا الكتاب متميزاً في بابته، وركناً من أركان الأدب وأصلاً من أصوله.
Reviews
There are no reviews yet.