مع السابقين الى الجنة بلا عتاب ولا عقاب | عبد الله بن عبد القادر التليدي
عن معاذ بم جبل رضي الله تعالى عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت قريباً منه ونحن نسير فقلت: با نبي الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويبعدني من النار، قال: “لقد سألت عن عظيم وأنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه”.
وهذا أنس رضي الله عنه تعالى عنه خديم النبي صلى الله عليه وسلم يخاف يوم القيامة وأهوالها، فيسأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أن يشفع له يوم القيامة، فقال له: “أنا فاعل”، فقال له: أين أطلبك؟ فقال “أطلبني أول ما تطلبني على الصراط”، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: “فاطلبني عند الميزان”، قال: فإن لم ألقك عند الميزان، قال: “فاطلبني عند الحوض، فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن”.
والحديث يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سيحضر هذه المواطن الثلاثة ليشفع فيمن يستحق الشفاعة من أمته في المرور على الصراط وفي الحساب، وفي الشرب من الحوض، وأن أنساً رضي الله تعالى عنه ممن يحظى بشفاعته صلى الله عليه وسلم في تلك المواطن.
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم يخافون المآل لهذه الدرجة ويتعلقون بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، فكيف يا ترى يكون المر ف يغيرهم ممن جاءوا بعدهم ممن تدنسوا بالآثام والذنوب، وأحاطت بهم الفواحش والخطايا من كل جانب، ووجدوا في عصر كله كفر وطغيان، وظلم وانحراف وميوعة، وفتن ومغريات، كعصرنا الحالي الذي نعيش فيه، فإنه لم يتقدم له مثيل في تقلب الأوضاع وانخراط الموازين وتغير الناس، وشيوع المناكير والفواحش، بجميع أشكالها، وتنكر الناس للإسلام وأحكامه وأخلاقه، وذوبان شخصياتهم الإسلامية في شخصيات الكفار، وتشبثهم بنظم الغربيين في كل الميادين وسيرهم وراء ركب أوروبا وأمريكا وحضارتهما…
وبما أن أمنية كل مؤمن صادق يود ويتمنى أن يلقي الله عز وجل طيباً سعيداً مغفوراً له مرضياً عنه كان من المفروض عليه أن يشمر عن ساعده ويجد السير جاهداً حسب طاقته في الإيتان بما يقربه إلى الله عز وجل ويرضيه، مع الابتعاد عما فيه سخطه وغضبه، فيتخلى عن السيئات ويتحلى بالصالحات، وتلك هي سعادة الدنيا والآخرة.
وفي هذا الكتاب رسالة تبين حال السابقين إلى الجنة، وتوضيح سمات والأفعال التي جيب أن يتحلى بها المسلم لدخل الجنة مع السابقين بلا عتاب ولا عقاب, وفيه أيضاً ذكر لما جاء في القرآن الكريم من حلية السابقين وصفاتهم التي يستحقون بها السعادة والنجاة، كما وفيه ذكر لما جاء من السنة المطهرة من البشارات، وما وعدهم الله به على مختلف الأقوال والأعمال والأحوال التي رتب عليها غفران الذنوب ودخول الجنة والنجاة من النار، وبين هذا وذك تبيان كما قلنا للحال التي يجب أن يكون عليها المسلم من العبادة والصلاة والخشوع لله. هذا ثوابه الأكيد دخول الجنة.
Reviews
There are no reviews yet.